فصل: مطلب في الغفلة والقلب والشكوى وفتح لام كي وكسرها والقراءة الواردة فيها وعدم صحة الحكايتين في هذه الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم قال إبراهيم وحده {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ} 39 إشارة إلى قوله قبلا: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} الآية 100 من سورة الصافات المارة، فأجاب اللّه دعاءه فوهب له إسماعيل من هاجر وهو ابن تسع وتسعين سنة، وإسحاق من سارة وهو ابن مئة وسبع عشرة سنة، قال تعالى على لسان خليله أيضا: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} اجعل من يقيمها، وذلك أنه علم بإعلام اللّه إياه أن أناسا يكونون من ذريته لا يقيمونها {رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ} 40 بإثبات الياء ودونها، وقد أجاب اللّه دعاءه إذ جعل النسوة في ذريته وهم أهل الصلاة {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ} إذا تابا وأنابا وأسلما لك، وهذا قبل أن يتبين له أنهما من أصحاب الجحيم، ولأنهما وعداه أن يؤمنا به وبربه.
أما استغفاره لنفسه مع علمه أنه معصوم من الذنب فهو بقصد الالتجاء إلى ربه والاتكال عليه، ولما يظن أن ما قاله في جملة: {بل فعله كبيرهم} في الآية 63 من الأنبياء الآتية، والآية 89 من سورة الصافّات المارة وهي: {إني سقيم} وقوله للجبار عن زوجته هذه أختي يريد بالخلقة والدين- تستوجب الاستغفار، لأنه من الأبرار، وإن حسنات الأبرار سيئات المقرّبين {وَلِلْمُؤْمِنِينَ} جميعهم اغفر يا رب، وهذا تعميم بعد تخصيص لأنه داخل فيهم دخولا أوليا، وفي هذه الآية بشارة عظيمة لجميع المؤمنين لأن اللّه تعالى أكرم من أن يردّ دعاء خليله، وستظهر ثمرة هذا الغفران {يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ} 41 أسند القيام إليه مجازا على حدّ قوله: {واسأل القرية} أي أهل الحساب، لأن القيام منهم وهذا مما لا يخالف الظاهر، لأن من المعلوم أن القرية لا تسأل والحساب لا يقوم، لأنه معنى، والقيام للأجسام لا للمعاني، قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} حاشا، بل هو مطلع عليهم ومحص أعمالهم، ولكنه تعالى {إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ} للتقاصّ منهم {لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ} 42 لجهة العلو لما يرون من الهول الذي يدهشهم ويحيرهم، وشخوصها بقاؤها مفتوحة لا تطرف حال كونهم {مُهْطِعِينَ} مسرعين بمشيهم إلى جهة الداعي مهرولين وراءه، لا يعرفون ما هو مصيرهم كالنعم حين يسوقها الجزار إلى المذبح، بخلاف حال الدنيا فإن من يشخص منهم بصره يقف مبهوتا لا يقدر على الحركة، وأهل الآخرة على العكس، فإنهم يمشون مسرعين، وهذا من جملة عجائب أحوال أهل ذلك اليوم {مُقْنِعِي} رافعي {رُؤُسِهِمْ} إلى السماء، وهذا أيضا على خلاف عادة أهل الدنيا، لأن من يتوقع منهم شيئا يخافه يطرق رأسه إلى الأرض {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} للنظر على أنفسهم بل يبقى شاخصا من شدة الفزع، وسبب رفعها إلى السماء توقع نزول شيء منها عليهم، إذ ينزل العرش الإلهي محمولا على الملائكة ويوضع في الموقف لفصل القضاء بين الناس، وأما الذين يعتريهم الخوف فيكونون هم {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} 43 أي قلوبهم خالية فارغة لا تفكر بشيء، ولا تعقل شيئا، أجارنا اللّه من هول ذلك اليوم.
والفؤاد هو الجؤجؤ، قال زهير:
كأن الرحل منها فوق صعل ** من الظلمات جؤجؤه هواء

يريد قلبه.
وقول حسان:
ألا أبلغ أبا سفيان عني ** فأنت مجوّف نخب هواء

.مطلب في الغفلة والقلب والشكوى وفتح لام كي وكسرها والقراءة الواردة فيها وعدم صحة الحكايتين في هذه الآية:

واعلم أن الغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقائق الأمور، وسهو يعتريه من قلة التحفظ والتيقظ وهو في حق اللّه تعالى محال، والمقصود منها عدم معاملة الظالم معاملة الغافل، بل ينتقم منه للمظلوم ويعامله معاملة الرقيب الحفيظ الحسيب العالم بجزئيات ما وقع منه فضلا عن كلياتها، ففي الآية تهديد للظالم وتعزية للمظلوم.
والمراد من توجيه الخطاب لحضرة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم مع أنه يعلم أن ربه ليس بغافل ولا يتصور منه الغفلة فيما يتعلق بربه التثبت على ما كان عليه، كقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} الآية 135 من سورة النساء، أي اثبتوا على الإيمان الذي أنتم عليه، وقد يراد به خطاب أمته الغير عارفين بصفات اللّه، ويكون على حد قوله: {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الآية 87 من سورة النمل المارة: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ} الآية 89 منها أيضا، ولا يخفى أن حضرة الرسول عالم بذلك، وظهور الحال على ما قيل يغني عن السؤال، وقيل في هذا المعنى مما هو منسوب للشيخ عمر السهروردي دفين بغداد قدّس سره ونور ضريحه:
ويمنعني الشكوى إلى الناس أنني ** عليل ومن أشكو إليه عليل

ويمنعني الشكوى إلى اللّه أنه ** عليم بما أشكوه قبل أقول

وسنأتي على بحث إسكان إسماعيل في مكة في الآية المذكورة من سورة البقرة إن شاء اللّه {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ} ويحيط بهم {فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم إذ ذاك {رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ} أي ردنا إلى الدنيا وأمهلنا فيها مدة قليلة {نُجِبْ دَعْوَتَكَ} التي أمرت بها {وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} الذين أرسلتهم فأجابهم ربهم {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ} حينما كنتم في الدنيا وقلتم فيما بينكم فيها {ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ} 44 من مصيركم الذي دفنتم فيه إذا متم أي تبقون ميتين وأنكرتم النشور والحساب {وَسَكَنْتُمْ} فيها {فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} من الكفرة أمثالكم {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ} من الإهلاك والتدمير بسبب إنكارهم البعث {وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ} 45 بأفعالهم وبما فعل بهم لتتعظوا وترجعوا عن غيكم، فأبيتم ولم ينجع بكم إرسال الرسل ولا نصحهم وإرشادهم {وَقَدْ مَكَرُوا} الذين سكنوا مساكن الظالمين {مَكْرَهُمْ} مثل الظالمين المذكورين {وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ} ثابت بعلمه الأزلي قبل إحداثه منهم وقبل خلقهم {وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ} 46 إن هنا وصلية أي وإن كان مكرهم في غاية الشدة ونهاية المتابة، فإنه مبطله في الدنيا ومجازيهم عليه في الآخرة.
وتكون إن هنا بمعنى ما، أي ما كان مكرهم لإزالة الجبال، لأن اللام فيه مفتوحة وهي لام كي، ولذلك صارت اللام الأخيرة مفتوحة لنصبها بها، ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة، واللام في لتزول لام التأكيد، أي مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال في الثبوت.
وقرأ بعضهم بفتح اللام الأولى وضم الثانية على الفاعلية، وتكون فيها إن مخففة من الثقيلة ايضا، واللام للتوكيد.
وقرئ بفتح اللامين على لغة من فتح لام كي وهي شاذة.
هذا، وما حكي عن علي كرم اللّه وجهه بأن هذه الآية نزلت في النمروذ لأنه اتخذ أربعة أنسر وشدّ عليهن تابوتا وطرن به إلى السماء ليرى إله إبراهيم عليه السلام، وجعل لحما في خشبات بأعلى التابوت لتراها النسور فتطير إليه لتأكله فتحمل التابوت بسبب ذلك وترتفع به نحو العلو، وبهذه الصورة تمكن من الطيران مع صاحب له، وصار كلما ارتفع سأل صاحبه فيخبره أن السماء كهيأتها والأرض كذلك، ولا زال حتى خبره أن الأرض صارت عبارة عن ظلمة، وصارت الريح بينه وبين الارتفاع، والسماء كهيئتها لم يحس بقرب ما منها، قالوا ونودي أيها الطاغي إلى أين تريد، ثم صار يرمي بقوسه إلى السماء حتى افتتن ورجعت النبل ملطخة بالدم، فلما رأى ذلك قال كفيت رب السماء، فحول الخشبات التي عليها اللحم ونكسها لجهة الأرض، فهبطت النسور لتناوله، ولا زالت تهبط به حتى وصل الأرض بسلامة.
قالوا فسمعت الجبال خفيق التابوت والنسور فظنت حدوث أمر في السماء، ففزعت وخافت وكادت تزول عن أماكنها من شدة الهلع فهو حكاية مستبعدة، لا يكاد يصدقها العقل ولا يسلم لها الضمير، ولو قيل إنها نقلت عن ابن جبير والسدّي ومجاهد وأبي عبيدة وغيرهم، كما لا يرتاح الوجدان بتسليم نقلها عن علي كرم اللّه وجهه، ولا مناسبة بينها وبين هذه الآية، وما هو بالخبر الذي يعتمد عليه، وقال بعضهم إن الفاعل لهذا هو بختنصر.
وكذلك ما قيل إن امرأة اتهمها زوجها وكلفها أن تحلف على جبل مشهور لديهم أن من حلف عليه كاذبا مات، وأنها بعد أن اتفقت مع صاحبها بأن ينتظرها بمكان على الطريق وأفقت زوجها على الحلف وذهبت معه، حتى إذا وصلت إلى المحل الذي فيه صاحبها رمت نفسها وأظهرت سوءتها له، فأركها زوجها وذلك الرجل حتى إذا وصلت إلى الجبل حلفت بأنه لم يمسها أحد إلا زوجها وذلك الرجل، مكرا منها، ونزلت من الجبل سالمة، لأن كلمة مسّها أرادت بها الفعل وأظهرت لزوجها أنه اللمس بسبب إركابه لها واطلاعه على سوءتها حين رمت نفسها، قالوا ومنذ ذلك اليوم اندك الجبل بسبب مكرها الذي مكرته على زوجها الذي لا يعلم ما دبرت له، قالوا وإن المرأة من عدنان، فهذه وأمثالها قصص لا عبرة بها، ولا وثوق بصحتها، لهذا فإن الأخذ بها لا يجوز، والأجدر حمل الآية على ما ذكرناه في تفسيرها بصورة عامة يندمج فيها كل كافر ما كر مجترئ على مناوأة اللّه تعالى ومبارزته، فتكون الآية من قبيل قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا} الآية 90 من سورة مريم.
قال تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} بإعلاء كلمتهم ونصرتهم وإهلاك عدوهم {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} غالب مكر الماكرين {ذُو انتِقامٍ} 47 عظيم من أعدائه المكذبين لأوليائه، واذكر يا سيد الرسل لقومك وغيرهم {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} المعهودة ذات الجبال والوديان والبحار والأشجار.
والعيون والنبات حتى تظنها أيها الرائي لها غير أرضك التي تعرفها ونشأت عليها في الدنيا لخلوها من جميع ذلك، كما قال تعالى: {قاعًا صَفْصَفًا لا تَرى فِيها عِوَجًا وَلا أَمْتًا} الآية 107 من سورة طه {وَالسَّماواتُ} ذات الكواكب والشموس والأقمار المعهودة التي عشت تحت ظلها تبدل أيضا بما يبدعه اللّه تعالى حتى لا تشك بأنها غير السموات الأولى لخلوها مما كان فيها من الثريا والميزان والمجرة وغيرها، روي عن سهل بن سعد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة هو الطلمه أي الرغيف الثخين العظيم الذي يعملونه فيخبزونه على الملّة وكانت العرب قديما تعمله، ويوجد الآن من عشائر الجبور في الجزيرة آل محمد آمين يعملونه، وان الرغيف منه يكفي الجماعة ويضعون عليه السمن والسكر، ومنه ما يكفي الأربعين وأكثر بارك اللّه في الكرام يوم القيامة يتكفأها الجبار بيده، أي يميلها من يد إلى يد كالرقاقة كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة. أخرجاه في الصحيحين.
وروي عن عائشة قالت: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ} إلخ فأين يكون الناس يومئذ يا رسول اللّه؟
فقال على الصراط- أخرجه مسلم-.
ولا تنافي بين هذه الآية وآية: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها} من سورة الزلزلة لإمكان الجمع بينهما، وهو أن الأرض تتبدل صفتها مع بقاء ذاتها، فيضع اللّه تعالى بها قوة النطق، فتحدث بإذنه تعالى بكل ما وقع عليها، ثم تبدل ذاتها بغيرها، وما ذلك على اللّه بعزيز، وأنشد بالمعنى:
اما الديار فإنها كديارهم ** وأرى نساء الحي غير نسائها

ومن هذا القبيل قوله:
وما الناس بالناس الذين عهدتهم ** ولا الدار بالدار التي كنت أعلم

{وَبَرَزُوا} الموتى من قبورهم متوجهين {لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ} 48 ليتمثلوا أمامه بالموقف للحساب {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ} بعضهم ببعض {فِي الْأَصْفادِ} 49 القيود والسلاسل والأغلال {سَرابِيلُهُمْ} لباسهم {مِنْ قَطِرانٍ} هو ما تدهن به الإبل الجربة مستخرج من شجر مخصوص بإشعال النار تحت وسطه، فيسيل من طرفيه، وأكثر ما يكون شمالي حلب بمنطقة الا كبس وغيرها.
وهذه الكلمة لم تكرر في القرآن إلا في سورة ص الآية 38، وكلمة سرابيل كذلك لم تكرر إلا في سورة النحل المارة في الآية 80، والقطران يشبه الزفت ورائحته كالنفط، وقد يستخرج من شجر الأبهل والعرعر والتوت أيضا، وقد حذرهم اللّه تعالى مما يعرفون مبالغة في الاشتعال، وإلا فعنده أشياء لمبالغة الاحتراق أعظم وأعظم من هذه لا نعرفها أجارنا اللّه منها.
وإذا نظرتم أيها الناس إلى هذه المتفجرات التي أحدثت في الحروب واستعملت لإهلاك الناس فدمرت الحرث النسل وهي من عمل البشر فما بالكم بما هو من خلق اللّه الذي أتقن كل شيء؟
علموا أن هؤلاء الكفرة بعد أن يلبسوا ثياب القطران يزجّون في جهنم {وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} 50 خص الوجه لأنه أعزّ موضع في ظاهر البدن كالقلب في عنه، ولذلك قال تعالى في سورة الهمزة: {تطلع على الأفئدة} وإلا تعلو الرأس برماح كثيرة، وكل ما ذكره اللّه تعالى إنما هو على قدر ما يعقله سر، وإلّا أفظع وأعظم، وإنما ذكرها كالمثل بالنسبة لما تعرفه كما مثل بالمشكاة، وأين المشكاة من نوره المقدس، وكذلك ما ذكره لنا من وصف؟؟ ونعيمها فهو لا يقاس بما عندنا.
{لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ} الدنيا لا يظلمها وينقصها {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ} 51 يحاسب الخلق كلهم، واحد محاسبة رجل واحد بالنسبة لنا، وإلا فهو أقل من ذلك {هذا} لما ذكر من قوله: {فلا تحسبنّ} إلى هنا {بَلاغٌ} إخطار وإنذار من اللّه؟؟ إلى خلقه ليتعظوا به ويتدبروا عاقبة أمرهم فيقلعوا عما هم عليه مما لا يرضاه اللّه يزيدوا مما يرضاه، وهو كاف للتذكير وللتحذير والتيقظ {لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} بعدهم ومن معهم فيخوفوهم ويهددوهم {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ} الإله المعبود، القادر على ذلك كله المحيي الميت هو {إِلهٌ واحِدٌ} لا شريك له ولا شبيه مثيل ولا ند ولا ضد ولا معاون ولا وزير، المنفرد بالأمر بلا ممانع ولا الأرض {وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ} 52 الصحيحة والعقول السليمة في هذا؟؟ الإلهي الذي هو عبر وعظات وذكرى ما وراءها وراء ليعظوا بها ويتعظوا، يرشدوا ويرشدوا.
واعلم أن هذه الجملة لم تختم بها غير هذه السورة، بما يدل أنها أكبر عظة لمن يتذكر.
هذا واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه واتباعه أن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد للّه رب العالمين. اهـ.